المستشار عبدالله الكعبي يكتب :
تحدثت في مقالي السابق عن آلية مكافحة الجرائم الإلكترونية وأمن المعلومات، وذكرت في ختام ذلك المقال أن هناك أمور عدة يجب أن تتحقق لمواجهة تلك الجرائم.
ففي ظل ما يشهده العالم من تطورات متلاحقة في المجالات المعلوماتية جدير بالذكر العمل على التثقيف الإلكتروني للفرد، حيث يجب في البداية حتى نواكب التطور والتقدم الذي يشهده العالم، ويتحقق ذلك عن طريق القضاء على (الأمية الحديثة) وهي أمية الكمبيوتر والإنترنت وتثقيف الشعوب العربية للتعامل بالوسائل الحديثة وبيان مميزاتها وفوائدها، ومن ثم العمل على زيادة الدراسات الأكاديمية.
من خلال بيان أهمية الاهتمام بنوعية الدراسات الأكاديمية التي تتطرق إلى الجرائم الإلكترونية من جانب المتخصصين من الباحثين ورجال القانون، كما يجب تشجيع الدراسات الميدانية ذات العلاقة الوثيقة، بتقديم الدعم المادي والمعنوي لها، وتشجيع المراكز القائمة بها، وجدير بالذكر أنه يجب تشجيع العلماء والباحثين والجامعات والمعاهد ومراكز البحوث لإعداد دراسات حول مساهمة الشريعة الإسلامية في التصدي للظاهرة الإجرامية وكشف مخاطرها وأساليبها المتنوعة، ويجب أن لا نغفل دور وسائل الإعلام المختلفة وعقد المؤتمرات، حيث يقع على عاتق وسائل الإعلام بصورها المختلفة سواء كانت وسائل إعلام مرئية أو مسموعة أو مقروءة أن تلعب دور كبير في توعية الرأي العام من مخاطر تلك الجرائم وأساليب الوقاية منها
ومكافحتها، وبخاصةً أن تلك الجرائم في ازدياد مستمر، كما أنه يجب أن يتم عقد المؤتمرات الدولية والوطنية باستمرار للتوعية بتلك الجرائم ومخاطرها وكيفية مواجهتها، أيضاً تكمن الأهمية في التدريب والتأهيل، حيث يقتضي الأمر توافر العديد من الكوادر الفنية القادرة على مواجهة هذه الجرائم من القانونيين سواء كانوا من رجال الشرطة التي تكافح تلك الجرائم، ورجال الخبرة الفنية، والمحققين ولا شك أن الأمر مرهون بتوافر المؤهلات العلمية والتأهيل والتدريب من خلال دورات متخصصة على كل التطورات التي يشهدها العالم للنظر في هذا النوع من القضايا، وضوابط التدريب تتمثل في أن يراعى في تدريب القائمين على المكافحة وسائر المتصلين بها، أن يكون تدريباً منسقاً ومتكاملاً، وأن يخضع لإشراف موحد يتولى الربط بينهم جميعاً، في ظل تخطيط علمي سليم ودقيق، وأن يعنى في تدريب رجال الأمن بتأكيد التزامهم بالتطبيق القانوني الصحيح، إدراكاً لأهمية تعميق الإيمان بحقوق الإنسان، مع حثهم على تزويد الجهات المعنية بما تحتاجه من المعلومات الصحيحة المتوفرة، والتي لا يضر إفشاؤها بمهام المكافحة، وأن يكون الاهتمام بتدريب أعضاء النيابة العامة – بصفةٍ خاصة – بما يتصل بالتعاون الدولي في شأن تسليم المجرمين، والتسليم المراقب، والمساعدة القضائية والفنية، وأن يتم الاهتمام أيضاً بتدريب القضاة الجنائيين الذين ينظرون القضايا المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، بعقد حلقات تتناول الطريق الأمثل لتطبيق مبدأ الاقتناع الوجداني والسلطات التقديرية للقاضي الجنائي، تطبيقاً يتفق مع الأهداف التي ترمي إليها التشريعات وتمليها الطبيعة الخاصة لتلك الجرائم، وأن توافر تلك العناصر الفنية يقتضي لتحققها توافر الإمكانيات المادية.
أيضاً يجب العمل على إيجاد مراكز متخصصة لتقديم الشكاوى المتعلقة بتلك الجرائم – تابعة للدولة – يكفل لها القانون العديد من الاختصاصات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، والمتخصصة في استقبال الشكاوى المتعلقة بتلك الجرائم.
ونظراً لأهمية إبراز دور الشريعة الإسلامية السمحة، والتي يجب أن تلعب دوراً كبيراً في الوقاية من الجرائم بصفةٍ عامة والسعي نحو مكافحتها، فسيكون مقالي التالي عن الجانب التشريعي والقضائي والتعاون الدولي في مكافحة الجرائم الإلكترونية.
للاطلاع على مقالات المستشار عبدالله الكعبي اضغط هنا
المستشار/ عبدالله الكعبي المحامي
رئيس الهيئة الإدارية لجمعية الإمارات
للمحامين والقانونيين– فرع أبوظبي